الطفل والواجبات المدرسية
احمد طفل ذكي ومحبوب والكل يتنبأ أنه سيكون ذو شأن في المستقبل، ولكن مع دخول أحمد إلى المدرسة تبدل الحال من حال إلى حال أصبح احمد كثير البكاء، شكوى المعلمات منه لا تنتهي، لا يريد القيام بواجباته ولا يحب الذهاب إلى المدرسة.
جلست معه وانا احاول إقناعه بكتابة الواجبات المنزلية المطلوبة منه فإذا بي أرى يديه ترتعش وكأن عضلاته تحاورني وتقول لي أنا لا أستطيع الكتابة.
كم شخص منا لديه أحمد في المنزل ربما كان ادم أو جودي أو عمر أو رهف أو ياسين أو رقية مهما اختلفت الاسماء فستظل القصة نفسها تتكرر في بيوت كثيرة
هل وضعنا أنفسنا يوما مكان هذا الطفل يوما وفكرنا بما يشعر به، هل هو حقا ذو مستوى ضعيف أم نحن نضغط عليه بأشياء لا يتحملها، وما هي المشكلة التي يعاني منها الطفل وتجعله يرفض كتابة الواجبات، سبق وتحدثنا عن نقص ثقة الطفل في نفسه وكيف يمكن أن تترجم في صورة عند لدى الأطفال في مقالة سابقة يمكنكم الوصول إليها من هنا (https://bit.ly/3bcA2rM) وخلال هذه المقالة سنتحدث عن بعض الأسباب الأخرى التي تجعل الطفل يرفض كتابة الواجبات وكيفية التغلب على هذا.
أسباب رفض الطفل لكتابة الواجبات
يعتبر السبب الرئيسي لرفض الطفل لكتابة الواجبات إجبار الطفل على كتابة الواجبات في عمر صغير (عدد كبير من الأمهات يجبرون أطفالهم على حل واجبات في عمر 3 سنوات) وقبل أن يكون قد استعد فعاليا لذلك، وهذا خطأ كبير جدا يقع به العديد من الأمهات، فلا مانع أن يمسك الطفل الألوان في هذا العمر إن كان يرغب في ذلك ويلون أو يرسم رسما حرا، ولكن لا ان تجبر الأم أو المعلمة الطفل على إمساك القلم وكتابة حروف أو أرقام بخط صغير وتحتاج إلى درجة تحكم كبيرة بل وضرب الطفل أحيانا إن لم يستطع ذلك. والصحيح ألا يطلب من الطفل مسك الأقلام والكتابة فعليا قبل أن يصبح عمر الطفل 5 أو 6 أعوام، أو على الأقل يجب التأكد من كون الطفل لديه الاستعداد بالفعل للكتابة، وللتأكد من ذلك هناك ثلاث مهارات يجب أن يتقنها الطفل قبل الإمساك بالقلم وهذه المهارات الثلاثة هي: مهارة التركيز، ومهارة القوة العضلية سواء كانت العضلات الكبيرة أو العضلات الدقيقة، ومهارة الاتجاه أي أنه يستطيع التمييز بين الاتجاهات.
وخلال هذا المقال سيتم تناول هذه المهارات بطريقة تفصيلية أكثر وبعض النماذج التي تمكنك من تنمية هذه المهارات
أولا: تنمية مهارة التركيز
هناك العديد من الأنشطة والأل
عاب التي تساعد في تنمية مهارة التركيز عند الطفل ومنها على سبيل المثال لا الحصر
مع دخول الطفل إلى عمر العامين هناك ألعاب خاصه بالتركيز ومن هذه الألعاب، الألعاب التي يقوم الطفل بالإدخال بها وهناك العديد من الأمثلة على هذه الألعاب كما هو موضح في الصور
والبعض يقوم بتصنيع مثل هذه الألعاب منزليا عن طريق استخدام أعواد الطعام مع المعكرونة ولكن في هذه الحالة يجب الحرص على إزالة الأجزاء المدببة من أعواد الطعام، ويجب عدم ترك الطفل بمفرده عند القيام بهذا النشاط حتى لا يتعرض للأذى من الأعمدة الرفيعة.
في البداية يطلب من الطفل رص القطع فقط، بحيث يحاول الطفل أن يضع القطع وفقا للثقب الموجود بها، وعندما يتقن الطفل هذه المهارة يطلب منه على سبيل المثال تركيبها هذه المرة ولكن مع مراعاة ترتيب الألوان بحيث يبدأ بلون محدد، ثم لون آخر، وهكذا. ومع الأمهات اللاتي يقمن بصناعة النشاط منزليا يمكن تلوين حبات المعكرونة بألوان الطعام من أجل القيام بهذا النشاط.
بعد ذلك من الممكن ضغط الطفل زمنيا بحيث يطلب منه القيام بعملية الإدخال خلال وقت زمني محدد بحيث يجمع الطفل بين السرعة والتركيز مما يزيد من مهارات التركيز لديه.
ويتم استخدام المقص مع الأطفال من عمر عامين ونصف إلى ثلاث سنوات وفقا لاستعداد الطفل ويمسك الطفل مقص حقيقي مثل الخاص بالكبار وليس مقص بلاستيكي لا يقوم بالقص ولكن الفارق الوحيد أن المقص الذي يستخدمه الطفل يكون أصغر حجما من مقص الكبار.
عند تقديم المقص للأطفال يجب أولا: توعية الطفل في البداية أنه يحتوي على منطقة حادة، وكيفية التعامل مع هذه المنطقة حتى لا يكون هناك إصابات وكيفي يسلم الطفل المقص لشخص آخر وكيف يستلم المقص حتى لا يصاب بأذى.
ثانيا: يجب تعليم الطفل طريقة إمساك المقص، وفي البداية لا يجب أن يكون أصبع السبابة داخل أحد عيون المقص بل يجب أن يكون بجوارها من الخارج حتى يزيد من التحكم في المقص.
ثالثا: توفير الأوراق للطفل الذي سيقوم بقصها، وبالتالي لن يبحث الطفل على أشياء أخرى لقصها مما يجعله يستخدم المقص استخدام في غير محله. وفيما يلي بعض الأفكار للأفكار التي يمكن تقديمها للطفل مع العلم ان هناك تدريج دائما في تقديم المقص للطفل حيث يمكن البدء معه بشريط من الورق يقص بشكل عشوائي، ثم تقديم شريط من الورق مرسوم عليه خطوط ويقص على الخطوط، ثم خطوط منحنية وهكذا.
كانت هذه بعض الأنشطة التي تساهم في زيادة التركيز لدى الأطفال والتي يجب أن نبدأ بها مع الأطفال من عمر أقل من عامين، وتقدم بالتدريج وفقا لطبيعة النشاط في أعمار أكبر بعد ذلك، إلى أن يتقنها الطفل تماما.
ثانيا: تنمية مهارة استخدام العضلات الدقيقة لدى الأطفال
هذه المهارة هي ثاني مهارة أساسية يجب تنميتها عند الأطفال قبل أن يقومون بإمساك القلم ويتم تنمية هذه المهارة من خلال عدة أنشط كما يلي:
وأنشطة الدق تتوافر في العديد من الأشكال المختلفة، التي يمكن تقديمها للطفل من خلالها كما يلي:
ويمكن تنفيذ هذا النشاط بسهولة في المنزل من خلال استخدام الفيل المضغوط مثل الذي يغلف الأجهزة الكهربائية أو الذي يباع في المكتبات، ودبابس ورقية مثل الموضحة في الصورة الثانية، ومطرقة خاصة بالأطفال مثل التي تأتي مع لعب الأطفال المختلفة مثل أدوات النجار وأدوات المهندس وغيرها.
حيث يقوم الطفل خلالها باستخدام مهاراته الدقيقة من أجل لف الصامولة أو المسمار مما يساعد على تنمية مهاراته الدقيقة، وتتواجد عدة العاب مرتبطة بهذا النشاط كما في الصور التالية
هناك اسفنج صغير مثل هذا الخاص بتحميم الأطفال حديثي الولادة، وهذا الاسفنج قادر على امتصاص الماء، فيتم استخدامه مع طبق به ماء وطبق فارغ وعن طريق الاسفنج يبدأ الطفل بنقل الماء من هذا الطبق إلى طبق آخر، وهي واحدة من أنشطة الحياة العملية عند منتسوري والتي تساعد على تدريب العضلات الدقيقة عند الأطفال قبل الكتابة
ويمكن شراءه أو صناعته منزليا وفق ما تفضله الأم وهناك العديد من الطرق التي تستخدم لتصنيعه منزليا يمكن أن تستخدم الأم أي منها لا توجد مشكلة، ويمكنها تجربة عدة طرق حتى تصل إلى أفضل ملمس بالنسبة لها، ولعب الطفل كثيرا بالصلصال يؤهله لإمساك القلم بشكل أفضل.
ثالثا: تنمية مهارة تحديد الاتجاهات عند الطفل
هذه المهارة على الرغم من أن الطفل إن سألته على الاتجاهات قد يخبرك بها إلا أنه عندما يتعامل مع الاتجاهات في أبعاد صغيرة فإنها قد تمثل تحدي بالنسبة له، ولهذا فإن هناك عدة أنشطة يمكن تقديمها للطفل لمساعدته في حل هذه المشكلة كما يلي:
يساعد البازل بشكل كبير في تنمية مهارات تحديد الاتجاهات عند الأطفال حيث يحتاج البازل إلى تركيز لمعرفة مكان تواجد القطعة بالإضافة إلى معرفة اتجاه وضع القطعة حتى تتلاءم مع باقي القطع وبالطبع يتم تقديم البازل للطفل قطعة واحدة في البداية ثم يتم زيادة عدد القطع بالتدريج
قد يتعجب البعض من ذلك ولكن الحقيقة ان الكتابة على الهواء أكثر ما يعرف الطفل باتجاه الحروف وخاصة أن الهواء هو أكبر مكان يستطيع الطفل الكتابة عليه.
على الرغم من التطور وظهور أنواع مختلفة من السبورات إلا أن السبورة السوداء التقليدية التي يكتب عليها بالطبشور ما زالت الأفضل في تعليم الأطفال الكتابة والاتجاهات.
بعدما يتدرب الطفل جيدا على السبورة بدون سطور يتم تدريب الطفل على السبورة مع سطور وتكون السطور متباعدة لإعطاء الطفل مساحة كافية للكتابة بأكبر حجم كل ذلك قبل الانتقال للكتابة على الورق العادي في الدفاتر.
بعد الانتهاء من تنمية هذه المهارات الثلاث يمكن تقديم القلم للطفل من أجل أن يبدأ الكتابة ويجب تدريب الطفل على مسكة القلم الصحيحة قبل أن يقوم بالكتابة، والتأكد من إمساكه للقلم بشكل صحيح، ولا يهتم في البداية بالكم وإنما بالكيف حتى يتقن الطفل الكتابة فيما بعد، ولا نرهق عضلاته، والأمر شبيه بشخص ينز ليمارس الرياضة لأول مرة في حياته فيجهد نفسه بتدريبات أكثر مما تحتمل عضلاته فالنتيجة الم شديد في العضلات واحيانا مزق في العضلات بسبب شدة الاجهاد التي تعرضت له والحمل الزائد عليه وقد ينفر هذا الشخص من الرياضة بعد ذلك، ونحن لا نريد أن ينفر أطفالنا من الكتابة بكل تأكيد.
#ادوات_منتسوري #هبه_طراد #ght #ght_global_montessori_conference #مؤتمر_المنتسورى_مصر #مؤتمر_المنتسورى_الوطن_العربى #منتسوري