ازاي نطلع كسبانين من رمضان
ازاي نطلع كسبانين من رمضان
مر النصف من شعبان واقترب شهر رمضان وما هي إلا أيام قليلة ويهل هلاله ليسير بسرعة كبيرة ويستعد لمغادرتنا سريعا، ولكن وقبل أن يرحل يجب أن نستفيد منه ولا يمر علينا دون أن نحقق استفادة منه. ومن هذا المنطلق خصصنا لكم هذه المقالة بعنوان ازاي نطلع كسبانين من رمضان
تغيير مفهوم رمضان
كثير مننا يظنون أن رمضان ما هو إلا التوقف عن الأكل والشرب من الفجر حتى أذان المغرب فقط، ولكن الحقيقة غير ذلك فما التوقف عن الأكل والشرب إلا جزء بسيط من الصيام وهناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تؤكد على ذلك منها:
"مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ" صحيح البخاري.
قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعان" صحيح الألباني.
وقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ :
إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ" صحيح البخاري ومسلم.
وأيضا قول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151).
وغيرها العديد من الدلائل الأخرى في القرآن والسنة التي تدل على أن مفهوم رمضان لدينا الذي هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط هو مفهوم خاطئ.
ولكن المفهوم الصحيح هو أن رمضان هو فرصة 30 يوم تصفية، تصفية لكل العادات السلوكية التي قد أكون اكتسبتها الفترة السابقة لرمضان، تصفية للعادات السيئة مثل التعلق بعادة سيئة، كره شخص ما، الحقد، وغيرها من العادات التي نريد تغييرها، واكتساب عادات جديدة جيدة، فالفكرة ليست التوقف عن الطعام والشراب فقط، وإنما تغيير العادات والروتين
ازاي نطلع كسبانين من رمضان
تخيلوا معي أنه هناك عادات سلوكية جديدة نستمر عليها فترة 30 يوم، وحالة نفسية جديدة نستمر عليها 30 يوم وقتها تظل تلك العادات السلوكية الجديدة مستمرة معانا وبعد 30 يوم سنكون قادرين تماما على التحكم في النفس والعقل، ووقتها العقل اللاواعي يبقى خزن بعض العادات التي أقوم بتكرارها يوميا والتي يصعب تركها إلا إذا اردت ذلك، بمعنى أنني إذا اردت الاستمرار على هذه العادات بعد رمضان استطيع ذلك. لأنني بالفعل قد استطعت القيام بها لمدة 30 يوم، منها مثلا أن أحفظ لساني، لا أكذب، اتحدث بأمانة، لا اغتاب. وعادات إيجابية استطيع اكتسابها مثل قراءة القرآن، زيادة الأذكار. إذا أنا اتخلى عن أشياء غير جيدة كنت قد بدأت اتعود عليها، واكتسب أفعال وسلوكيات جيدة. من الأمثلة الأخرى المشاهد السيئة بالأفلام التي اشاهدها دون أي تردد ولكن في رمضان استطيع الامتناع عن مثل هذه المشاهد ومشاهدة برامج مفيدة في المقابل، وبالتالي إذا استطعت التخلي عن العادات السيئة واكتساب عادات جيدة، فمثلا بدلا من أن اغتاب شخص أكره لا اتي على ذكره وأشغل لساني بالأذكار والاستغفار، وبالتالي مع نهاية رمضان اتخلص من الغيبة، واكتسب عادة الذكر المستمر. وبالتالي اتحكم في جسدي وعقلي لجعلهم يسيرون على الطريق الصحيح حتى أسير في مسار التقوى ووقتها نبقى طلعنا كسبانين من رمضان إن شاء الله.
نشاط يساعدنا في إننا نطلع كسبانين من رمضان
هناك نشاط قد يساعدنا في تثبيت هذه العادات؛ والواقع أنه نشاط بسيط جدا يمكن لأي شخص منا القيام به في المنزل، سواء لنا أو لأولادنا لتعويدهم على اكتساب العادات السليمة والتخلص من العادات السيئة؛ سواء في رمضان أو خارج رمضان وهو كالتالي:
أولا: أدوات النشاط
إناءين فارغين شرط أن يكونا شفافين يظهرن ما بداخلهم، ولهم غطاء.
قصاصات ورقية على شكل شرائط وقلم.
ورقة مرسوم بها جدول من خانتين كما سيتم التوضيح في الصورة وستجدون في نهاية المقال رابط لملف pdf يحتوي عدة أشكال مختلفة للجدول يمكنكم طباعة الشكل الذي يناسبكم منه أو إنشاء جدول بأنفسكم بالشكل المفضل لكم.
ورق لاصق0
ثانيا: خطوات النشاط
يتم إحضار الجدول المكتوب به قائمة أعمالي الصالحة في خانة، والخانة الأخرى قائمة العادات السيئة التي سأمتنع عنها. وكلما امتنعت عن عمل سيء أضع في خانة العادات السيئة التي امتنعت عنها مثل: تقليل السوشيال ميديا، عدم الغيبة، عدم النميمة، عدم الاسراف، التخلص من البخل... وهكذا. وكلما قمت بعمل صالح اكتب في قائمة اعمالي الصالحة مثل الصدقة، اطعام الطعام، حفظ اللسان، الأذكار، قراءة القرآن، قيام الليل.... وغيرها العديد من الأعمال الصالحة.
على الورق اللاصق أكتب على واحد يا باغي الخير أقبل، وورقة أخرى أكتب عليها يا باغي الشر أقصر. ليه الجملتين دول على وجه الخصوص لأنهم من الحديث الشريف: "إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ : يا باغيَ الخيرِ أقبلْ ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ ، وللهِ عتقاءُ من النارِ ، وذلك كلَّ ليلةٍ".
على كل إناء من الإناءين ألصق واحدة من الأوراق اللاصقة التي قمت بالكتابة عليه وبهذا يكون هناك اناء مكتوب عليه يا باغي الخير أقبل، والآخر مكتوب عليه يا باغي الشر أقصر.
وكلما قمت بعمل صالح وبعد أن أقوم بكتابته بالجدول في قائمة الأعمال الصالحة، أقوم بأخذ قصاصة ورقية أكتب عليها العمل الصالح الذي قمت به وأضعه في الإناء المكتوب
يا باغي الخير أقبل. وإذا قمت بتجنب عادة سيئة أو التقليل منها أقوم بالكتابة في قصاصة ورقية وأضعها في إناء يا باغي الشر أقصر.
مع نهاية الشهر ستجدي الإناءين قد امتلئا بالقصاصات الورقية، وكذلك ورقة الأعمال قد امتلأت بالأعمال الصالحة التي اكتسبتها، والأعمال السيئة التي امتنعت عنها، وفي الحالتين تكون المحصلة في قائمة الحسنات الخاصة بك بإذن الله. وعند رؤيتك لذلك فإن هذا سيكون بمثابة حافز لك للاستمرار في اكتساب العادات الجيدة والامتناع عن العادات السيئة حتى بعد نهاية شهر رمضان وبكده إن شاء الله نطلع كسبانين من رمضان.
مع تحيات فريق عمل GHT